مشي الإنسان قديما
هذا المقال مقتبس (بتصرف) من بودكاست صوتي أعده مايك سيسون، ونشر في Primal Blueprint Podcast بعنوان "المشي؛ الحالة البشرية" في هذه القطعة التأملية، يتفكر الكاتب في المشي عبر تاريخ البشرية. ويتأمل المشي كقدرة مرتبطة بحياة الإنسان وقدرته على عمارة الأرض ، ويصف حاجة الإنسان بهذه القدرة، وكيف تراجعت في السنوات المئة الأخيرة وكيف من الضروري العودة إليها.
منذ نزل آدم إلى الأرض لم تنتشر البشرية في مختلف القارات إلا بدءاً بالتنقل مشياً. ولم يكن الإنسان قديماً قادراً للوصول إلى مصادر المياه أو الكلأ أو الصيد إلا من خلال مشي المسافات الطويلة. بل إنه في كل مرة كان الإنسان القديم يجد حلولاً لكل مشكلاته ويستكشف الأرض من حوله، في كل مرة يكون الشرط الوحيد هو القدرة على المشي.
في حياته اليومية، كان مشي الإنسان قديما لمئات الأمتار لجمع الحطب، وعدة كيلومترات لجلب الماء وجمع الثمار والصيد. ويقدر علماء الاجتماع والتاريخ مشي الإنسان قديماً ما بين 6 إلى 16 كيلومتر يومياً. ولم يكن مشي الإنسان قديما ويداه خاليتان بل كان يحمل الثمار والسلاح والصيد، ويحمل أطفاله مع مشي المسافات الطويلة. ولم يكن مشي الإنسان قديماً على أرض مرصوفة، بل في تضاريس أصعب، وكانت كل خطوة تختلف عن الأخرى، لذا كانت طاقته ولياقته وقدرته على التوازن تفوقناً.
والمشي ما هو إلا سقوط للأمام نحرك له الساق لتسند الجسم مؤقتا، ثم سقوط للأمام نحرك له الساق الأخرى لنبدأ خطوة أخرى، وهكذا، وهذا ما يصعب على الطفل الصغير تعلمه. وفي المشي ينزل الإنسان بوزنه على كعب القدم، ثم يمرر الوزن لباطن القدم، ثم يدفعه بمشط القدم لينقل الحمل للقدم الأخرى وهكذا. كما أن نقل الانسان وزنه بهذه الطريقة المرنة يخفف عبء المشي، ويجعل الإنسان قادراً على مشي المسافات الطويلة. وعلى الرغم من انتقال الحضارات من البداوة إلى الزراعة إلى حياة المدن، إلا أن الكل كان يمشي؛ جامعو الثمار والصيادون والرعاة والعبيد والعباد والجنود.
إن مشي الإنسان قديما كان بدافع الفطرة وحبه للاستطلاع والتعلم. وهي دوافع لا زالت تبعث فينا حب المشي. تلك الحالة البشرية التي كانت، ولا تزال، ولابد أن ستستمر.
ودمتم سالمين.
د. صالح بن سعد الأنصاري
@SalihAlansari
مستشار الصحة العامة وخبير تعزيز الصحة
المشرف على مركز تعزيز الصحة بالرياض
@SaudiHPC