المشي المشي ــــ قصة العم عبد الله من مكة

  • click to rate

    لم أترك المشي منذ حوالي ستة سنوات. وذلك بعد أن استمعت إلى شريطي كاسيت أهداها لي أحد الزملاء بعنوان "صحتك في المشي" للدكتور صالح الأنصاري، وقد كررت الاستماع للشريطين أكثر من عشر مرات. ومنذ ذلك الحين، لم أترك المشي سواءً في الحر أو البرد، بل حتى أيام الأعياد.

    في الأسبوع الأول الذي بدأت فيه كنت أمشي ربع ساعة فقط، ولم أكن أستطيع الاستمرار أكثر بسبب آلام العضلات وصعوبة النفس. وكنت أتساءل: هل أنا ضعيف إلى هذا الحد؟ وهل لابد من هذه المعاناة وهل لابد من الاستمرار في تحمل هذا الألم؟ وإلى متى؟ وبعد أسبوعين استطعت بشيء من الصعوبة زيادة مدة المشي إلى نصف ساعة، وبعد شهر استقرت مدة المشي على ساعة كاملة.

    ومن الصعوبات التي واجهتني في البدايات، الملل والألم في الساق أثناء المشي، كما راودتني أفكار حول التوقف عن المشي وغير ذلك. ثم اقتنيت كتابي د/ صالح بن سعد الأنصاري "صحتك في المشي" و كتاب "المشي علاجاً للسمنة" واشتريت وقرأت العديد من الكتب المترجمة عن المشي باهتمام.

    في مختلف مراحل تجربتي مع المشي حاولت اصطحاب بعض الأصدقاء، ومنهم من استمر، ومنهم من انقطع. كما نصحت أبنائي بممارسة المشي وهم محمد (43 سنة) وخالد (40 سنة) وعبدالرحمن (38 سنة) إلا أنهم على حد قول د. صالح الأنصاري يتعللون بمحتويات صندوق الأعذار، على الرغم أنهم جميعاً -عافاهم الله- ممن بدأ الدخول إلى "نادي الأمراض المزمنة". وكثيراً ما يمشي معي ابني (طالب الثانوية) وهو الوحيد الذي يمارس المشي معي في المساء فهو فقط الذي استجاب لدعوتي للمشي.

    كنت ولا زلت أمشي بثوبي فقط وأترك الغترة لأنها تعيقني وألبس حذاءً عادياً علما أني جربت العديد من الأحذية الرياضية، الغالي منها والرخيص فلم أرتح لها. والذي ناسبني هو حذاء عادي جداً صنع في تركيا لا تتجاوز قيمته خمسون ريالا.

    قبل مزاولة المشي كان وزني 80 كيلو، مع أن طولي 1,63م وكنت أعاني من أمراض عديدة؛ السكري، وارتفاع نسبة الكوليسترول، وحامض اليوريك (النقرس)، وكنت أستعمل يوميا ثلاث عشرة حبة من الأدوية، وفي أحد المرات بلغ تحليل الدهون الثلاثية لدي 900 !!

    أما الآن وبفضل الله ثم بما وجدت من معلومات في الشريطين والكتب فأنا أحافظ على نظام التغذية، وأهتم بالإفطار وأكثر من الزبادي بانتظام وأتناول سلطة الخضار على الغداء وأقلل من تناول الأرز. كما أمتنع تماماً عن أكل المطاعم، أما العشاء فخفيف وصحي، أما بشأن العزائم فقد وجدت طريقة خاصة احتفظ بها لنفسي بالمجاملة وأداء الواجب دون الالتزام بالجلوس وتناول عشاء ثقيل وفي وقت غير ملائم، كما أحرص على النوم مبكراً.

    قبل 6 سنوات من البدء كنت أتعالج في إحدى المستوصفات الخاصة مع استشاري باطنة وأتردد عليه كثيراً حتى أني شجعته على المشي وصار من كبار المشائين. والآن ﻻ أزوره إﻻ زيارة ودية فقط لأجل الكشف وإجراء التحاليل كل 6 شهور. ولقد تحسنت كل مؤشرات الفحص الطبي، وقد أجريتها مؤخراً ، وأصبحت التحاليــل طبيعيــة والحمـد لله وتركت جميـــع الأدويـــة بناء على مشورة طبيبي. وقد أصبح وزني بين 58 و 60 كلجم والفضل يعود لله ثم لما يبثه د. صالح الأنصاري من وعي في مختلف القنوات الإعلامية.

    بعد مرور عام بالتمام من البداية، أصبح المشي الوجبة اليومية الرابعة وبفضل الله ثم بتوجيهات د/ صالح الأنصاري ومتابعته في وغيره من القنوات أصبح المشي روتيناً يومياً في حياتي. ووقت المشي المنتظم عندي بعد صلاة الفجر مباشرة، حتى التسبيحات بعد الصلاة أتلوها في المشي. والحمد لله أن المضمار يقع بجوار المسجد (مضمار حي النسيم) ويبلغ طوله 2 كيلو ذهاباً و2 كيلو إياباً. أمشي حوالي 6 كيلو خلال ساعة أي استغرق 10 دقائق للكيلو. كما أمشي في المساء أيضا من 4 الى 5 مرات في الأسبوع لكن ليس بصفة دائمة. وأفضل المشي بمفردي لأني إذا مشيت مع أحد الأحباب لربما قطعنا الكيلو الواحد في ربع ساعة، والجيد منهم من يقطع معي الكيلو الواحد في 12 دقيقة، لذلك أعتذر لهم إن تمكنت من ذلك.

    أنا ممن يزور المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم، ولا يكاد يمر شهر أو شهرين إلا وتكون لي زيارة، وهناك أصلي الفجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمشي بعدها من المسجد النبوي الى مسجد قباء ذهابا وإيابا لمدة 45 دقيقة. وإذا اشتقت للحرم المكي أذهب مشيا وأعود مشيا بإجمالي 7 كيلو. كما أنني ﻻ أستعمل السيارة إﻻ مع العائلة، أما جميع أغراضي ومشاويري فأقضيها سيرا على الاقدام.

    من الفوائد التي جنيتها بل أهمها وأعظمها كان الحفاظ على صلاة الفجر في جماعة راجيا أن أكون في ذمة الله. كما استفدت جميع الفوائد الأربعة والأربعين التي ذكرها د/ صالح الأنصاري في كتابه "صحتك في المشي". ولقد وجدت الإجابة على السؤال الذي كنت أساله لنفسي في البدايات عندما كان المشي يسبب لي بعض الألم "إلى متى؟" والإجابة تكمن في أن الفوائد العظيمة التي حصلت عليها تدعوني إلى أن أستمر في المشي بالتدريج والأهم الانتظام بإذن الله ما دام في العمر بقية، أسأل الله تعالى أن يمتعنا بأبصارنا وقواتنا أبداً ما بقينا.

    لقد أصبح المشي هواية وعشقاً وراحة وتنفيساً أشكر الله تعالى على نعمه وفضله ثم أشكر أخي د/ صالح الأنصاري ما يقدمه لمجتمعه من التركيز والتحفيز على هذه الرياضة الفريدة.

     

    انتهت قصة العم عبد الله

    ودمتم سالمين.

    نشرت في 2011م 

    د. صالح بن سعد الأنصاري

     

    @SalihAlansari

    مستشار الصحة العامة وخبير تعزيز الصحة

    المشرف على مركز تعزيز الصحة بالرياض

    @SaudiHPC