قصتي مع #المشي_للصحة قصة ربما لا أصدقها أحيانا رغم أنني بطلها وسيدها. فقد كنت لا أمارس النشاط البدني منذ عرفت نفسي. وبطبيعتي وأنا إنسان محافظ لا أحب الرياضة، لا متابعة ولا ممارسة، وكنت أربط هذا التوجه السلبي عن الرياضة بالمحافظة التدين. ومن قلة وعيي بأهمية النشاط البدني كنت أفخر بهذا التوجه الخامل وأعده طبيعياً.
عندما بلغت الثلاثين، أصبت بآلام في الظهر، وأعراض في الجهاز الهضمي، بل حتى آلام في الصدر. وحدثت لي إصابة (غير رياضية) في الركبة اليسرى، شخصت على أنها "مشكلة غضروفية" في الركبة، وبدأت في جلسات العلاج الطبيعي. وأشار علي الطبيب المتخصص باستعمال الكرسي للصلاة وصرت فعلا أصلي جالسا على كرسي مثل كبار السن. وأخذت أراجع كل عيادة حسب التخصص، ونتج عن ذلك تناول الكثير من الأدوية والمسكنات. بل بلغ الحد أن لجأت لمراجعة الأطباء الشعبيين، وإلى استعمال الخلطات والأعشاب.
في نفس الفترة أجريت عددا من الفحوصات والمراجعات التشخيصية. وبدأت أول التنبيهات عندما ظهرت نتيجة تحليل شامل صدمت بها فلم أجد فيها إلا ارتفاعاً سيئاً أو انخفاضاً سيئاً. خرجت من المختبر محبطاً وكأني أرى نفسي شيخا كبيرا أنهكت صحته واحدودب ظهره وشاب رأسه رغم أني في مطلع الثلاثين. كان صعودي للدرج بصعوبة ونزولي أشد صعوبة من ذلك. فقد كان وزني زائدا (86 كلج) وسمنتي ظاهرة ولياقتي ضعيفة جدا، وتوزعت الآلام على كل جسدي.
دلني ابن عمتي المحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود على حساب الدكتور صالح الأنصاري في تويتر، وأخبرني عنه وعن المشي وتحدث معي عنه كثيرا، ونصحني بمتابعته واتباع توجيهاته، فتابعت الدكتور في تويتر واستشرته عن حالتي، فأشار علي بالمشي، واستغربت من نصيحته التي كنت أظنها تناسب الآخرين ولا تناسبني، فقال لي بالحرف الواحد (المشي علاج لكل شيء، فالمشي يأتي بالصحة)
كان ذلك في نهاية عام 2014 عندما بدأت بالمشي، ولم أكن أتجاوز 1.5 كيلومترا الا وأشعر بالتعب والإرهاق بقية اليوم، إلا أن متابعة تغريدات الدكتور الأنصاري اليومية كانت تعطيني حافزا للاستمرار.
ليس سرا، أن بدايتي (حتى كتابتي لهذا المقال) كانت قوية ولله الحمد، وعزيمتي متجددة. وكانت رسالة المشي جزءا من حياتي اليومية، رغم ما واجهني من ألم شديد في ركبتي في أول أسبوع ومع ضعف اللياقة والسمنة الظاهرة، الا أني كنت أكرر في نفسي القاعدة الأنصارية، (ابدأ بما تستطيع، توقف إذا تعبت، عد غدا)
في أول أسبوع، كنت لا أنام من ألم ركبتي المصابة، إلا أنني أقول في نفسي لابد من المشي لأنه علاج طبيعي، وقد جربت المستشفيات، وجاء الدور الآن لأجرب المشي. وكان الألم أول تحد واجهته. كما واجهت ضيق الوقت فجاء المشي ليمكنني من استثمار الوقت بما يناسبه دون أن يعطل حياتي.
داومت على المشي، فأهداني المشي أصحابا متميزين لهم اهتمام بالمشي وبالتغذية الصحية، وبالنمط المعيشي الصحي ليسوا بعيدين عن بيئة تويتر الصحية وعن الحسابات التي تحف الدكتور الانصاري ويحفها.
وبعد شهرين من المشي اليومي دون انقطاع، وجدت تحسنا في آلام الركبة وآلام الظهر، بل لم أتنبه في خضم انشغالي بالمشي أن أعراض الجهاز الهضمي قد اختفت، فزاد حماسي للمشي، واستخدمت تطبيق Nike Running Club لمتابعة تفصيلات المشي يوميا وأسبوعيا، وتابعت العديد من المشاة ودخلت في تحديات عديدة. وكنت أمشي بعد الفجر إلى قبيل الدوام، وأمشي بعد المغرب إن وجدت فرصة أو بعد العشاء.
دعاني ما لمسته من تحسن إلى سماع جميع محاضرات الدكتور الأنصاري ولقاءاته وندواته وبرامجه التلفزيونية وإلى قراءة جميع مقالاته وكل كتبه. كما كان لسعة صدره وإجابته على استفساراتي في تويتر الأثر الكبير في تحولي، فعمدت بعدها إلى التخطيط للقائه، والتقيت به بعد سنة وشاركت في أحد أنشطة #مشاة_الرياض بحضوره، وعمدت مصرا على تقبيل رأسه وشكره على جهده، وازددت بمقابلته تحفيزا وتشجيعا.
بعد انتظامي في المشي تغير نومي، وذهب عني الأرق، وصار نومي عميقا. أنام بعد صلاة العشاء بساعة أو ساعتين، وأقوم قبيل الفجر أحيانا لأصلي الفجر في مسجد بعيد وأكمل المشي بعد الصلاة.
وبعد أن كان وزني بداية المشي 86 كلج يصنف على أنه سمنة، أصبح وزني الآن 56 كيلو، مع أني لم أكن أفكر في إنقاص الوزن، فقد كان إنقاص الوزن مع المشي السريع وضبط التغذية الصحية يحدث بشكل تلقائي، ومجانا.
وممن استفدت منهم في وسائل التواصل الاجتماعي
1- حساب @fforfitness "زبادي ومشي"
2- حساب @DoctorAlahmadi د. محمد الأحمدي
3- حساب @hafalou المهندس حسان الفلو
ومما تعلمته في التغذية أن أترك ما يحتاج إلى تهضيم في صحنه أو آكل منه شيئا قليلا تستطيع معدتي هضمه، فبحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه. كما كنت في البدايات "أداوي" نفسي بالمشي إذا فارقني النوم. وربما مشيت منتصف الليل لوحدي ساعة أو جزءا من ساعة، ثم أعود إلى النوم.
بمتابعتي لحساب زبادي ومشي، تركت السكر والغازيات والحلى بأنواعه نهائيا، وصارت تغذيتي "صحية" 100% وأرفض (عن قناعة) كل غذاء غير صحي، وأتناول وجبات خفيفة لتسكيت الجوع بذكاء، مثل خلطة الشوفان مع الزبادي و "رشّة" المكسرات، ووجبات خفيفة أخرى تعلمتها من المهندس حسان الفلو. كما أصبحت القهوة الأمريكية المفلترة بدون سكر مع قطعة الشوكولا الغامقة مشروبي الصباحي المفضل.
لم أتخلف عن المشي بحمد الله أبدا لا في سفر ولا في حضر، لا في شدة الحر ولا في شدة البرد، فقد كنت أستمد من الدكتور محمد الأحمدي مزيدا من التشجيع على المشي عبر "سناب شات" في بيئة تصل فيها درجة الحرارة إلى صفر مئوية، وأخرج للمضمار من تحفيزه، وأعود والشعور بالانتصار يغمر جسدي.
ولو أردت أن أعد الأيام التي تخلفت فيها عن المشي خلال سنتين فلن تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولله الحمد من قبل ومن بعد. فإن كنت مسافرا بالطائرة تقدمت قبل الرحلة لأمشي في صالات المطار، وإذا سافرت بالسيارة مشيت للمسجد البعيد حيث أقيم، المهم ألا أترك المشي.
وحقيقة، لم أكن أذهب للمضمار دائما بنفس الرغبة. فأحيانا أجر نفسي جراً، وأجاهدها جهاداً، ولا ألبث أن أسمع منها الشكر والثناء بعد أول نصف ساعة من المشي، ثم أسجل هذه المشاعر الجميلة بتغريدة لأقرأها وأشجع نفسي إذا أحسست مرة بالكسل.
حياتي بعد فقدان الوزن وممارسة المشي حياة جديدة ومختلفة عن الماضي، حياة من استعاذ بالله من العجز والكسل، واصطلح مع #مشي_المسافات_الطويلة. فبعد أن كنت لا أقوى على مشي كيلومتر ونصف إلا بجهد وتعب، مشيت ذات يوم 18 كلم من المشي السريع في حوالي ساعتين ونصف، توقفت خلالها ثلاث مرات لدقائق معدودة.
أنصح كل من لا يمشي، أو تراوده نفسه بالتوقف عن المشي، أن يقارن بين حياته قبل المشي وبعده، فمن ترك المشي تركه المشيُ، وأقول للمبتدئين، عليكم بقاعدة الدكتور صالح الأنصاري الذي أشرف على تحرير هذه القصة، القاعدة الذهبية: ابدأ بما تستطيع، توقف إذا تعبت، عد غدا.
بعد ستة أشهر من بداية المشي انتهت كل مشكلاتي، وألغيت جميع المواعيد في المستشفى ولله الحمد. وعرفت المشي دهانا لعلاج الركبة، ومرهما لآلام الظهر، وحبوبا لعلاج آلام الصدر، و "سفوفا" للجهاز الهضمي. مشكلات لم أكن اعرفها إلا عندما كنت أجهل المشي.
إنه المشي. بل هو #المشي_للصحة والتداوي بالمشي.
أخوكم
أبو وليد. أحد مشاة بريدة