لم أكن مريضا لكني عرفت العافية وفي الوقت المناسب

  • click to rate

    قصة الأستاذ ـ  أنس الشريف، كندا

    يقول الأستاذ أنس...

     

    "لم يكن لدي معاناة مرضية ولله الحمد. وبالرغم من كوني عربيا مستقرا في كندا وأعمل في المجال الأكاديمي منذ 2018 ولدي الحق في تلقي خدمات طبية متقدمة فلم يكن ذلك كافيا لأعيش بصحة وعافية، فلم أكن راضيا عن وزني ولا لياقتي البدنية.

    وبالرغم من العديد من المحاولات وصل وزني إلى مستويات عالية وسبب لي ذلك صعوبات في التنفس عند أبسط الأنشطة مثل صعود الدرج. 

    كانت نقطة التحول عندما اجتمعت ثلاثة عوامل، الأول وصولي لسن الأربعين والثاني عندما نبهني الطبيب لوجود دهون في الكبد بسبب زيادة الوزن، والثالث والأكثر تأثيراً فقد كان عندما شخصت بداء خطير عن طريق الخطأ، فقد كانت تلك ساعة يقظة وتنبيه ولحظة هداية في هذا الجانب ولله الحمد...

    كانت لي محاولات متعددة لفقد الوزن الزائد وممارسة الرياضة من حوالي عشرين عام لكنها كانت متقطعة ومحدودة ولم أصل فيها إلى نتائج مرضية ودائمة مع أني جربت كل شيء تقريبا للوصول إلى "الوزن المثالي". وهنا شعرت بأنني بحاجة ماسة للتوجيه الصحيح وإضاءة الطريق. 

    كانت أكثر المحاولات نجاحا تجربتي الأخيرة في يناير 2024 مع د. صالح الأنصاري، فقد أخذت معه جلسة استشارة (عن بعد) لأكثر من مرة مع استمرار التواصل والمتابعة، إضافة إلى متابعة حساباته في التواصل الاجتماعي.

    ومع أنني كنت أتابعه منذ عدة سنوات إلا أني تلقيت معه تقنيات مؤثرة تساعد على النجاح وتوفر أفضل فرص الاستمرار وحوافز التغيير الحقيقي وكيف يصبح مستداما. 

    ولقد راجعت معه فهمي للصحة والعافية وأسس التغذية الصحية بعيدا عن متاهات الإشاعات والحميات التي لا تنتهي، وبعيدا عن الحماس المتقطع للرياضة.

    بدأت التجربة بوزن كان 98.5 كلجم. وبدأت بالتركيز على الصيام المتقطع وبالتدريج.

    ومن منطلق فهمي لفكرة الصوم ومع التدرج لم أجد صعوبة في الانطلاقة، فخلال أسبوعين وصلت إلى صيام 16 ساعة ووجبتين أتناولهما خلال 8 ساعات، كما ركزت على الاستغناء بالتدريج عن السكر المضاف والوجبات السكرية والأغذية المصنعة، وركزت على تناول الأكل الطبيعي. كما أضفت في أحيان أخرى الصيام الشرعي يوما أو يومين أسبوعيا فنزل وزني من 98.5 إلى 90 كلجم خلال شهرين.

    وبعد شهرين عانيت من تذبذب الوزن وثباته على حوالي 92 كلجم، فزدت مدة الصيام المتقطع من 16 إلى 20 ساعة معظم أيام الأسبوع مع وجبتين أتناولهما خلال 4 ساعات مع تقليل كمية الطعام، فاستمر النزول دون انتكاس، وما شعرت بمرور وقت طويل حتى نزل الوزن إلى 87 كلجم، وهو مثالي بالنسبة لطولي.

    وكان من دوافعي للاستمرار في الصيام المتقطع كفاءته في ضبط السعرات الداخلة للجسم، وقناعتي بأنه نظام يعطي الجسم وقتا كافيا للراحة والهدم والترميم ووقتا للبناء.

    كما شجعني على الاستمرار فيه الراحة النفسية وعدم الانشغال بالترتيب لوجبات رئيسية وأخرى خفيفة ولا بحساب السعرات.

    كما تعودت من خلال الصيام المتقطع على تجاهل الجوع وإسكاته بالمشروبات الصحية التي لا تحوي أي سعرات مثل الشاي والمياه المنكهة والماء العادي.

     وقد كان روتيني في هذه السوائل بتوقيت شربها عند الشعور بالجوع.

    في محاولاتي السابقة قد واجهت تحديا كبيرا في ضبط الوجبات والكميات المثلى.

    وكانت المشكلة آنذاك أنني لم أتنبه للبيئة الغذائية المحيطة بي في ظل وفرة الطعام عموما والسكريات والنشويات خصوصا، فقد كنت أحاول اختيار وجباتي الرئيسية والخفيفة في تلك الظروف التي يصعب التحكم فيها.

    أما الصيام المتقطع فقد كان يخرجني من تلك البيئة 16 إلى 20 ساعة متواصلة يوميا.

    كما لاحظت أن الصيام المتقطع جعلني وبالتدريج أشعر بالشبع سريعا وأتوقف عن الأكل بسهولة، ربما لأن حجم المعدة يصغر بالتدريج.

    وفي نفس الوقت الذي ركزت فيها على الصيام المتقطع عززت تجربتي بالمشي يوميا. فقد بدأت بالمشي مسافة 4 كيلومتر يوميا، وركزت في تجربتي مع المشي على التعود والاستمرار أكثر من التركيز على إنجاز المسافات أو رفع السرعة أو المدة، وقد كان من دوافعي في الاستمرار على المشي حبي له ومعرفتي واطلاعي المستمر على فوائده العظيمة على الجسم والصحة النفسية وقدرته على تعزيز الأفكار الإبداعية مع إمكانية استثمار الوقت أثناء المشي في الاستماع والاطلاع والتطوير في مجالات التخصص والشغف وفي التأمل والتفكير.

    وبعد مرور حوالي ثلاثة أشهر وصل روتين المشي إلى حوالي 10 كيلومتر يوميا خلال أيام الأسبوع.

    فقد أصبحت أخصص أقل قليلا من ساعتين بعد صلاة الفجر يوميا، وأمشي حوالي 14 كيلومتر في إجازات نهاية الأسبوع.

    ولقد ساعدني في الانتظام في المشي فجرا تقديم موعد النوم بالتدريج. فقد أصبحت حياتي متوازنة وأشعر أني أسيطر على جسمي وليس العكس.

    وبعد 3 أشهر من التجربة والتطوير والمتدرج في المشي والصيام المتقطع، ومع التركيز على الاطلاع والتعلم، وجدت أن الصيام المتقطع والمشي يعملان بشكل متكامل ويقوي أحدهما الآخر في ضبط الشهية وفقد الوزن مع تحسين المزاج.

    استقر روتيني الحالي على الصيام المتقطع 16/8 ساعة مع المشي حوالي 10 كيلومتر يوميا، على أن تكون الوجبة الأولى حوالي الساعة 2 ظهرا في المكتب وكثيرا ما تكون من الخضروات والفواكه والبيض.

    أما الوجبة الثانية المسائية في البيت فيغلب عليها البروتين من اللحم والدجاج. وخلال نافذة الأكل أستمتع أحيانا بوجبة خفيفة غالبا ما تكون من الفواكه.

    لقد وجدت الصيام المتقطع وسيلة قوية وتحدث نزولا سريعا للكيلوجرامات. وعندما أقارن بين فكرة "الريجيم" الذي جربته على مدار20 عام بتجربتي في تغيير النمط المعيشي فإن خلاصتي هي أن الرجيم فكرة غير عملية ولا يسهل استدامتها.

    وأن تغيير نمط الحياة هو الحل الفعال والعملي والمستدام. كما وجدت أن المشي يوقد شعلة من الإثارة النفسية الإيجابية التي لم أجدها إلا في المشي.

    ومع أني لا زلت بانتظار تحديد موعد الفحص القادم للاطمئنان على ارتفاع الدهون في الكبد فإني أتوقع -من اطلاعي- بأنها حتما بدأت طريقها إلى الزوال.

    أنصح من تراوده نفسه بالتوقف خلال مشواره نحو الصحة بالتوكل على الله والبدء بالمشي ولو قليلا مع التدرج في الصيام المتقطع.

    كما أنبه إلى ضرورة استشارة الطبيب عند البدء للبناء على الحالة الخاصة مع المتابعة المستمرة، خصوصا لمن يعاني من مشكلات صحية.

    أما إذا كنت لا تمشي أبدا ولا تمارس الرياضة فإنه ينقصك الكثير. 

    أصبح المشي جزء أساسيا من حياتي وأصبحت الآن أكثر حرصا وانتظاما وقوة، وقد كانت أطول مسافة مشي قطعتها حوالي 18 كيلومتر متواصلة. و

    في تجربتي هذه، انتهيت إلى فهم واضح للتكامل الجسدي والنفسي، وإلى التحكم في عاداتي وأنماط الحياة بشكل أرجو أن يستدام وأنا اتجاوز سن الأربعين سن الأشد، وأتقدم في إلى سن أنضج وأتمتع خلاله بالصحة والعافية بقية العمر إن شاء الله"

    انتهى كلامه

     

    وأنا على ثقة بأن قصة الأستاذ أنس يمكن أن تتكرر مع الكثيرين ليعيشوا حياة سعيدة وعادات مستدامه، وأضيف أن نمط المشي والمباعدة بين الوجبات هو النمط البشري الذي حفظ صحة البشر لآلاف السنين، وعلينا العودة إليه هروبا من بيئاتنا الخاملة ومن وفرة النشويات والأغذية المصنعة وانتشار الأمراض المزمنة.

    د. صالح بن سعد الأنصاري

     

    مستشار الصحة العامة وخبير تعزيز الصحة

    المشرف على مركز تعزيز الصحة بالرياض

     

1 comment