أقلع عن التدخين بالمشي

  • click to rate

     

    التدخين عادة قاتلة وعادة ما يكون الإقلاع عنه صعبا، إلا أن النشاط البدني والمشي تحديدا يجعل الإقلاع أسهل ويجعل احتمالات الانتكاس مرة أخرى أقل. ويذهب المتخصصون في هذا المجال إلى أن ممارسة الرياضة جزء لا يمكن الاستغناء عنه في أي برنامج للإقلاع عن التدخين. وقد أثبتت دراسة أجريت في تايوان للمقارنة بين محاولات الإقلاع عن التدخين، أن إضافة 15 دقيقة من المشي رفعت معدل النجاح في الإقلاع بنسبة 55%، كما أن نسبة الانتكاس والعودة للتدخين قلت بنسبة 43%. بل يضاف إلى ذلك أنه حتى المدخنين النشطين كانوا في حالة صحية أفضل. ومن المثير للاهتمام أن الآثار المفيدة للتمرين في تقليل الرغبة في التدخين لا تعتمد على شدة التمرين، بل يكفي الانتظام فيه ولو لمدد ومسافات قصيرة.
    النشاط الدني يجعلك تتنفس بصعوبة تتعرق وتجعل قلبك ينبض بشكل أسرع، ويحسن عمل القلب ووظائف الرئتين. يمكن للنشاط البدني أن يبقيك مشغولاً حتى تمر الرغبة، تلك الرغبة الشديدة قد تستمر من 5 إلى 10 دقائق، وقد تتشتت بتأثير النشاط البدني أو أقل. كما أن المشي يخفف من الأعراض الانسحابية ويخفف الرغبة الشديدة في تدخين السجائر يستمر 50 دقيقة بعد ممارسة الرياضة، ويساعد على التغلب على التوتر والحصول على الطاقة، ويحسن الحالة المزاجية.
    وقد أظهرت عدة دراسات أن أثر المشي المنتظم يوازي أثر "لصقة النيكوتين" في المساعدة على الإقلاع عن التدخين. يقول أدريان تايلور، بروفسيور الصحة النفسية والنشاط البدني "لو وجدنا نفس الأثر الذي يحدثه النشاط البدني في المساعدة على الإقلاع عن التدخين، وأمكن استخلاصه كمستجضر دوائي لكان استثماراً ماليا وصناعة مربحة لمساعدة المدخنين على الإقلاع". وقال أيضا "تدعم هذه نتائجنا التأثير الوقائي للتمارين الرياضية وفي مرحلة الاستعداد وقبل الشروع في الإقلاع عن التدخين، كما يساعد في الإقلاع عن التدخين عن طريق تقليل شدة أعراض الانسحاب". ويشرح الفريق، "تظهر نتائجنا فعالية حتى كمية معتدلة من التمارين الرياضية أثناء التعرض للنيكوتين في تخفيف أعراض انسحاب النيكوتين.
    أما كيف يساعد المشي في الإقلاع عن التدخين، فقد وجد أن المشي يؤدي إلى إفراز هرمون الدوبامين الذي يقوم ب "إقفال" (Blocking) المستقبلات العصبية الكيميائية للنيكوتين محدثا نفس آثاره التي يفتقدها المدخن، مما يقلل أعراض الاعتماد والإدمان. كما أن المشي المنتظم والرياضة تحسن أداء مختلف أنسجة الجسم وتساعد على التخلص من النيكوتين وغيره من سموم التدخين، كما تحسن الدورة الدموية والجهاز التنفسي وتحسن تركيز الأكسجين في الدم ومختلف أنسجة الجسم. 
    ومن المعروف أن من أصعب ما يعيق المدخن عند محاولة الإقلاع أن ترك التدخين يحدث "فراغاً" نفسيا واجتماعياً، واحتياجاً بسبب الإدمان الكيميائي على النيكوتين، والنشاط البدني والمشي المنتظم "يملاْ" هذا الفراغ ويصرف المدخن عن "الحاجة" إلى التدخين، خصوصا إذا كان المشي يمارس في صحبة ومجموعات مهتمة بالمشي لتحسين الصحة.
    والمشي بانتظام أفضل رياضة يمكن أن تخفض التوتر والقلق والضغوط النفسية، ويسهم في تخفيف الأعراض الانسحابية لترك التدخين، إضافة إلى قدرته على صرف التركيز إلى أمور أخرى. كما أن البدء ببرنامج لتحسين اللياقة والصحة ويعطي الانسان الشعور بتحوله إلى شخص يمارس حياة جديدة وصحية. ويضاف الى ذلك أن النشاط البدني والمشي المنتظم يقاوم زيادة الوزن التي قد تصحب الإقلاع عن التدخين.
    أما لماذا المشي تحديدا، فهو الأنسب مهما تدنت مستوى لياقة المدخن، أو زاد وزنه ومهما كانت حالته الصحية. والمشي تحديدا نشاط مصحوب بالكثير من هدوء الاعصاب والاسترخاء، ويتيح التأمل والتفكير، بخلاف ما يحدث في بقية الرياضات. يضاف لذلك ٢٦ سببا لاختيار المشي من بين الرياضات أوردتها في مقال أخر.
    وينصح بالبدء في ممارسة رياضة المشي قبل البدء في الاقلاع عن التدخين بثلاثة إلى ستة أسابيع، وذلك لان ادخال تغيير واحد على الأنماط والعادات أسهل من ادخال تغييرات كثيرة في آن واحد. كما ان البدء بممارسة المشي، يضيف قدرا من هدوء الاعصاب والاسترخاء وتحسين المزاج في مرحلة تحضيرية، مما يحسن من فرص الاقلاع عن التدخين. كما أن إضافة معينات أخرى على الاقلاع كاستخدام العلكة أو لصقة النيكوتين أو الأدوية التي تؤخذ بالفم سيؤدي لنتائج أفضل.
    ولتحسين فرصة الانتظام في المشي ينصح بالبدء بحيث يبدأ المدخن بما يستطيع من حيث المدة والشدة والمسافة، ثم يزيد بالتدريج، مع الحرص على رفع اللياقة واكتساب عادة المشي المنتظم تدرجياً، وصولا إلى مستويات عالية خلال 3-4 أشهر. يضاف إلى ذلك اتباع النصائح الأخرى المساعدة في الإقلاع عن التدخين، مثل تناول الغذاء الصحي والإكثار من شرب الماء واستخدام السواك والعلك وإشغال النفس بهوايات واهتمامات مفيدة. ويمكن أيضاً البدء بالمشي بصحبة صديق وإدخال حوافز جديدة لكل مرحلة أو انجاز. كما يضاف أن المشي في الهواء الطلق يعطي نتائج أفضل في الإقلاع مقارنة بممارسة الرياضة في الأماكن المغلقة. 
    فيما يلي بعض النصائح لبدء ممارسة التمارين الرياضية ومساعدتك في التخلص من الرغبة الشديدة:

    حاول تخصيص وقت منتظم للمشي بما يناسب جدولك الزمني
    حاول ممارسة النشاط البدني لمدة 30 دقيقة معظم أيام الأسبوع
    قم بالأنشطة التي تستمتع بها أثناء المشي مثل الذكر والاستماع والحوار
    قم بتغيير روتين تمرينك أو جرب مكانا جديدًا من وقت لآخر حتى لا تشعر بالملل.

    من المسلّم به أن الإقلاع عن التدخين صعب، إلا أنه ليس مستحيلاً. وإضافة رياضة المشي لها العديد من الخصوصيات، والتجربة يمكن أن تعلمك أكثر متى ينجح الإقلاع وكيف تضيف أفكارا تساعد في الإقلاع عن التدخين. وستروي قريبا قصة نجاح ملهمة للآخرين.

    ودمتم سالمين  

    د. صالح بن سعد الأنصاري
    @Salihalansari

    مستشار الصحة العامة وخبير تعزيز الصحة
    المشرف على مركز تعزيز الصحة
    @SaudiHPC