لدي اعتقاد بأن إضافة المشي من بين الرياضات إلى كل أنظمة ونصائح التخلص من الوزن الزائد. فالمشي يتعدى تأثيره إلى تغيير الشخصية وطريقة التفكير، ويحسن علاقة الإنسان بنفسه وبالآخرين. وهذا ما لا يتوفر بنفس القدر في أنظمة إنقاص الوزن مع الرياضات الأخرى. وقد طلبت من مجموعة من الأصدقاء ممن نجحوا في إنقاص الوزن وتعزيز الصحة الشخصية من خلال التركيز على المشي، طلبت منهم أن يصفوا التغييرات التي حصلت لهم في جوانب السلوك الشخصية والتفكير. وفِيما يلي بعض الاقتباسات التي لخصتها من خبراتهم:
1. "في مشوار التخلص من السمنة بالمشي اكتشفت جسدي وأصبحت أفهم جسدي صحةً ومرضاً. ومرة قال الدكتور صالح الأنصاري، المشي تمرين للأحشاء. وفعلاً إذا أتعبني القولون أعرف مشكلتي وأشعر بجسدي يدعوني للحركة فأتجه للمشي، ومع شيء من شرب الماء أرجع للبيت وقد خفت أعراض القولون بنسبة 90% بحمد الله"
2. "حمدت الله كثيراً أنني لم أوافق على المخاطرة بجسدي بإجراء أي من جراحات السمنة، فإنقاص الوزن بالمشي ببطء وتكرار المشي، والتفكير في قدرة جسمي على التعافي من السمنة وأخطار الأمراض المزمنة، وتأملي في إتقان وإبداع الخالق جل وعلا، وأن الله منحني العقل لأحمي هذا الجسد، بهذه الأفكار وصلت إلى أن جراحات السمنة قرار جريء ويجب أن يكون آخر الحلول وبعد كل التجارب الجادة، وأن إجراءها لا يتوافق مع حبنا المطلوب لأجسامنا"
3. "قبل أن أتخلص من السمنة بالمشي، كان بيني وبين جسدي شيء من التحدي والعداوة ومطالبتي له بتحمل كل ما قد ينتج عن استمتاعي بكثرة الجلوس والأكل كما ونوعا وفِي أي وقت. فقد أصبحت أفهم حدوده وطاقته، وأحسن التعامل معه، وسهل هذا التفكير الاهتمام بالغذاء نوعاً وكماً وتوقيتاً. وذلك مما جعل فقد الوزن الزائد مجرد مسألة وقت، وهذا ما حدث"
4. "مع تكرار المشي أصبحت أخلو بنفسي وأفكر وأتأمل أكثر مما أتحدث. فقبل المشي كان حديثي في المجالس كثيراً، وكنت أُلقي الكلمات بلا تفكير عميق، وكنت كثير المزاح. وبعد ممارسة المشي في صمت وخلوة تعودت على الصمت والناس يتكلمون، فأراقب ما يقع فيه الناس وأتأمل فيما يقولون أكثر مما أتحدث. وهو ما لم يكن يحدث قبل انتظامي في المشي"
5. "لاحظت في رحلة التخلص من السمنة بالمشي أن الجهد والوقت الطويل الذي أقضية في المشي وما لاحظته من انتظام الشهية جعلني أغير علاقتي بالأكل. كما زهدت في الوجبات النظامية الثلاث التي كنت التزم بها يومياً وكأنها فروض عبادة. وكان هروبي من الجوع يدفعني دون أن أشعر إلى إضافة وجبات خفيفة بل ثقيلة السعرات من حلا ومشروبات مليئة بالسعرات. فبعد الانتظام في المشي اقتصرت على وجبتين؛ إفطار مبكّر ومنوع وغداء خفيف، ووجبة عشاء غير ملزمة وأحياناً غاية في الخفة لإسكات الجوع بذكاء. كما نشأت بيني وبين السكر المضاف خصومة بائنة"
6. "من التصورات التي تغيرت مع حب المشي أن أصبحت الأماكن البعيدة قريبة عندي. فأنا أسكن على بعد 500 متر من مضمار عمره حوالي 20 سنة ولم أكن أذهب إليه إلا بالسيارة وأجلس في حديقته. فقد اكتشفت أن الأماكن التي كانت تبدو لي سابقاً بعيدة ما هي إلا مئات الأمتار أقطعها مشيا في دقائق. وكنت أسكن على بعد 6 كلم من مكان عمل مسائي، ولم فكر يوماً في مشي هذه المسافة. وحالياً أصبحت أكرر الذهاب إليها مشياً مرة واحدة وبشكل شبه يومي، وأحدد الوقت وعلى حسب الجو في الصيف والشتاء"
7. "في طريقي للتخلص من السمنة بالمشي، أعدت النظر في علاقتي بالسيارة واعتمادي عليها، بعد أن كنت أستخدمها كما يستخدم ذوو الاحتياجات الخاصة الكرسي المتحرك (كما يقول د. صالح الأنصاري). وأصبح المشي أول ما يخطر على بالي قبل أن أستخدم السيارة لأي مشوار. ولم يعد البحث عن موقف قريب يشغل بالي. بل أصبحت أتعمد إيقافها في مكان آمن أو مظلل لأستمتع بالمزيد من الخطوات. وينطبق ذلك على الزهد في استخدام"
وختاما أقول
وجدت الكثير من الأبحاث علاقة إيجابية بين المشي والتأمل وتغيير التفكير، وأن تكرار التأمل والتغييرات التي تحدث في المشي بانتظام تخفف التوتر والقلق وتعزز الوعي بالذات، كما تحسّن القدرة على التركيز والانتباه والمشاعر الإيجابية تجاه النفس والآخرين. وتزداد كل تلك الفوائد كلما زاد الوقت وتكرر الانتظام في ممارسة المشي. كما تتراكم تلك الفوائد بمرور الوقت وحتى مع تقدم السن.
كثيرا ما يبدأ الناس في ممارسة المشي لإنقاص الوزن، وسرعان ما يكتشفون بمرور الوقت والانتظام في المشي أنه سبب قوي في تغيير الشخصية وأنماط التفكير، ويمكنني بكل أريحية وجرأة أن أضيف المشي بانتظام إلى أي مشروع يهدف لتطوير الذات وتحسين جودة الحياة.
ودمتم سالمين.
د. صالح بن سعد الأنصاري
@SalihAlansari
مستشار الصحة العامة وخبير تعزيز الصحة
المشرف على مركز تعزيز الصحة بالرياض
@SaudiHPC